الحريري وجعجع طبعا بعد انتهاء عملية الجيش اللبناني بالقضاء الحتمي على تنظيم «داعش» الإرهابي وفي ظل دخول كل من الجيش السوري وحزب الله بالتزامن على خط الاطباق من الجانب السوري على هذ المجموعة ،بعدها ستعود الى الواجهة مسألة التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية.
لقد شكلت زيارة عدد من وزراء الممانعة الى دمشق تحدياً للحريري وجعجع اللذين فشلا في منع هذه الزيارات ،التي ستشهد تطورا اكبر في المستقبل بدفع من الثنائي الشيعي الى حد تصوير العلاقة بين البلدين طبيعية، ولا يعطلها عدد من المواقف.
وستشكل هذه الزيارات ورقة قوية في يد روسيا وايران اللتين يتمسكان ببقاء الرئيس السوري بشار الاسد في ظل مطالب غربية تطالب بتنحيته، وبدأت اخيراً تشهد انحسارا على غرار الموقف الفرنسي، في حين انتدب الاتحاد الاوروبي سفيرا الى سوريا غير مقيم فيها ويتخذ من لبنان مقرا له، وفي وقت باشرت اسبانيا احياء علاقتها بدمشق من خلال اعادة عدد من طاقمها الدبلوماسي الى سفارتها في دمشق.
فرفض القوى اللبنانية للتطبيع مع نظام الاسد لن يعطي نتيجة بحسب اوساط في 8 اذار، اي انه لن يوقف هذا المسار التصاعدي، سيما كانت أولى خطوات التسليم بهذا الواقع لدى ترشيح الحريري لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وترشيح جعجع لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومفاخراً بهذه الخطوة حيث وصف رئيس القوات بعدها عون بانه «جبل» ممكن الاتكال عليه ولاقى في كلامه هذا حليف رئيس الجمهورية امين عام حزب الله يومها السيد حسن نصرالله والداعم الأساسي الذي أوصله الى قصر بعبدا بإعلان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، كما لم ينته الامر في مسار التسليم بالتوازنات المرجحة لصالح الممانعة بحيث لا يزال الحريري على تعهده بانتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية «متى دقت الساعة»...
اذ في الوقائع سلم الحريري وجعجع بفوز محور الممانعة بانتخاب عون على وقع استعادة الاسد لعدد من المناطق ولا سيما مدينة حلب التي أفرزت عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للحكومة بعد موافقة حزب الله على قواعد اشتباك سياسي تبدو حدوده واضحة في المسار اليومي، لا سيما ان الحريري وجد أمامه هذا الخيار في ظل ما عاناه من ظلامة مارستها السعودية معه على ما هو الكلام في محيطه ،ما دفعه لتفضيل قيود حزب الله على ظلم ذوي القربة الذي أنهكه سياسيا.
لكن في ظل هذا الواقع من المسار الهادف للتطبيع مع الاسد، يبدو الحريري وجعجع غير قادرين على تعطيل هذا التوجه التصاعدي على حدّ قول الاوساط نفسها، لكون هذه الخطوة هي نتيجة طبيعية للتسوية التي قضت بانتخاب عون، الذي لم يتراجع يوما عن تحالفه مع الممانعة وحصرا حزب الله، وما تبع الاستحقاق الرئاسي من حكومة غير متوازنة وصولا الى تسليم القوى الرافضة لزيارة الوزراء سوريا وبينها حزب الكتائب اللبنانية بصيغة قانون الانتخاب التي ارادها حزب الله.
لذلك يضع المراقبون زيارة وزراء الممانعة الى دمشق في خانة العلاقة الطبيعية بين فريقهم السياسي وبين النظام السوري، ولن يقوى الحريري على منعها لا سيما انه كان ينوي اللجوء الى الاعتكاف على ما كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق قبيل الجلسة اذا ما تمسك وزراء الممانعة بزيارتهم سوريا وذلك «من اجل شد العصب واسترجاع الشارع السني في اتجاهه ...» لكن هذا الامر لم يحصل وكانت الفتوى الحكومية بان تأتي الزيارة بطابع شخصي.
ويتم التداول في الاوساط السياسية بان حزب الله غض النظر عن زيارة الحريري الى الرئيس الاميركي دونالد ترامب وما سمعه من توصيف لحزب الله بالارهابي، فقابل رئيس الحكومة هذه الإيجابية بعض النظر عن زيارة وزراء 8 آذار الى دمشق، فيما يقول «الخبثاء» بان ما يحصل من تجاوزات وصفقات من قبل فريق المستقبل في اكثر من صعيد جعل الحريري في موقع المهادن لحزب الله الذي يغض النظر عن هذا الامر كنتيجة لصمت تيار المستقبل عن عدة أمور وخطوات كان عمد اليها حزب الله اسوة بقتاله في سوريا وغيرها من الممارسات التي كان المستقبل لها بالمرصاد وفضل غض النظر عنها حاليا.